الخلاصة:
ولو فحصنا الموقف جيداً لظهر لكل ذي لب فهيم مزود بالإنصاف و (الإنصاف من الإيمان) 1 أن كل من رد النقل الصحيح بدعوى أنه دليل لفظي لا يفيد اليقين، فقد رد العقل الصريح - وهو لا يشعر- ولم يبق لديه دليل يستدل به أو يحاجج به، إذ مما اتفق عليه العقلاء أن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، علماً بأن النقل هو الأصل لأنه من المتفق عليه أن العقل لا سبيل له لإثبات المطالب الإلهية، على سبيل الاستقلال، بل الطريق لإثبات الصفات ينحصر في التالي:
1- صفات يكون إثباتها بالنقل والعقل معاً، وهي كثيرة مثل صفة الحياة والقدرة، والعلم والعلو مثلاً، وهي المعروفة عند الأشاعرة بصفات المعاني.
2- صفات يكون إثباتها بالنقل فقط، ولولا النقل لعجز العقل عن إثباتها مثل صفة النزول والمجيء والاستواء على العرش مثلاً، ولا توجد صفة يتم إثباتها عن طريق العقل فقط دون النقل، فالقسمة إذاً ثنائية فقط، كما ترى.
وعلى هذا فإن ما تزعمه المؤولة من المعتزة وأشباههم، من أن الدليل العقلي وهو العمدة في باب الصفات، بحيث لو تعارض العقل والنقل قدم العقل، لأنه الأصل، فزعم باطل، لما عرفنا مما تقدم من عدم التعارض بين الدليلين.