سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات1.
وكما أنه أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فهو أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقيق ذاته إليه، فالعلم به أصلُ كل علم ومنشؤه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فلا حياة للقلوب ولا نعيم، ولا سرور، ولا أمان، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها ويكون أحب إليها مما سواه، والإنسان بدون الإيمان بالله لا يمكنه أن ينال معرفة ولا هداية، وبدون اهتدائه إلى ربه لا يكون إلا شقياً معذباً، كما هو حال الكافرين. لذلك فإن من في قلبه أدنى حياة أو محبة لربه، وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التبصر فيه، وسؤاله واستكشافه عنه هو أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، وأجل غاياته، فهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه؛ وله خُلِقَ الخلق؛ ولأجله نزل الوحي؛ وأرسلت الرسل؛ وقامت السماوات والأرض؛ ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق، والأمر الذي مداره عليه.
وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شييء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشييء أعظم من