وقلت لأبي سليمان: لم صار التنافس والتعادي وما أشبههما في ذوي القربى أكثر وأشد، وهذا كالشيء المتعالم، وهو غني عن البرهان وإعادة القول والبيانن وليس ذلك كذلك مع الأجانب والأباعد، فإن كان كالشاذ، كما أن التصافي والتخالص أيضاً في ذوي الرحم كالشاذ؟ فقال: إن ذوي القرابة والرحم والنسب يرى كل واحد منهم أنه أولى وأحق بحيازة ما لأبيه وعمه، وأن غيره في ذاك كالمزاحم والدخيل والمتدلي، فتحفزه أعراض كثيرة من الحسد والغيرة والتنافس، على أن يكون هو وحده حاوياً لتلك المواريث من المال، والجاه، والقدر، والمنزلة، وهذه الأعراض لا تعتري الإنسان في البعيد والنسب، والبلد، واللغة، والصناعة والخلق. وكان كلامه أكثر من هذا لكني أوجزته، لأن الرسالة قد طالت، وأخاف أن تمل عند القراءة، وينسب واضعها إلى سوء الاختيار.
كان من دعاء ابن هبيرة: اللهم إني أعوذ بك من بوائق الثقات، ومن الاغترار بظاهر المودات.
وقال أيضاً: اللهم إني أعوذ بك من صديق مطر، وجليس مغر، وعدو يسر.