جائراً، ومفضلاً وإن كنت ممانعاً، رضاه منوط برضاك، وهواه محوط بهواك، إن ضللت هداك، وإن ظمئت أرواك، وإن عجزت آداك، يبين عنك بالجسم والرسم، ويشاركك في القسم والوسم. قلت: أما الوصف فحسن، وأما الموصوف فعزيز، قال: إنما عز هذا في زمانك حين خبثت الأعراق، وفسدت الأخلاق، واستعمل النفاق في الوفاق، وخيف الهلاك في الفراق، والله لقد شاهدت لشيخنا ابن طاهر أصدقاء ينطوون له على مودة أذكى من الورد والعنبر، إذا لحظهم بطرفه تهللوا، وإذا ناقلهم بلفظه تدللوا، وإذا تحكم عليهم تعجلوا، وإذا أمسك عنهم نولوا وخولوا، وكان يجدون به ما لا يجدون بأهليهم وأولادهم، رحمة الله عليهم، فلقد كانوا زينة الأرض، في كل حال من الشدة والخفض، وإني لآذكرهم فأجد في روحي عبقاً من حديثهم، قلت: كيف كان انبساطهم في الاجتماع؟ قال: ما كانوا يتجاوزون الليلة الحلوة، والمزح الخفيف، واللفظ اللطيف، والرمز الرشيق، والتبسم المقبول، وإذا افترقوا فإنما هم في اهتمام يعود بنظام عيشهم، وتدوم لهم مسرة حياتهم، الكلمة واحدة، والطريقة واحدة، والإرادة واحدة، والعادة واحدة، والوحدة إذا ملكت الكثرة نفت الخلاف، وأروثت الائتلاف، ثم تكلم في الوحدة والواحد والأحد بكلام في غاية الرقة، مع الإيضاح، ولولا أن هذا الموضع يجفو