يناط بك، حسن الكفاية فيما يوكل إليك، كتوماً للسر إذا استحفظته، حسن المساعدة فيما يجمل بك الوفاق عليه، وقد حداني هذا كله على اجتبائك، وتقريبك، وإدنائك، وتقديمك، وغالب ظني أنك تعينني على ذلك بميمون نقيبتك، ومأمون ضريبتك، وجعلت دعامة هذا كله أني أجريك مجرى الصديق الذي يفاوض في الخير والشر، ويشارك في الغث والسمين، ويستنام إليه في الشهادة والغيب، ولي معك عينان، إحداهما مغضوضة عن كل ما ساءني منك، والأخرى مرفوعة إلى كل ما سرني فيك، فإن كنت تجد في نفسك على قولي هذا شاهداً صدوقاً، وإمارة نطوقاً، فعرفني لأعلم أن فراستي لم تفل، وحدسي عن طريق الصواب لم يمل، والحال التي قد جددها الله لي هي محروسة لك، ومفرغة عليك، ومستقلة بك، فأشركني فيها بخالصة الوفاء، أو تفرد بها إن شئت بحقيقة الصفاء، فلك الأمنة من حيلولة الاعتقاد، والسكون إلى عفو الاجتهاد، وثق بأن الذي خطبته منك إنما أريده لك، فلا تقعن في وساوس صدرك أن لكاشح لنا فيما نحن عليه طريقاً لنقص، أو لمحب لنا فيه باباً إلى الزيادة، واكتف بهذا القدر الذي دللتك عليه، واستقبل أمري وأمرك