خليقاً، لأنني لم أكن بأشباهه معروفاً، ولم تكن على استماع مثله مخوفاً، فوجد له فيك مساغاً، وعندك مستقراً، وكنت أحسب منازل إخوانك عندك، والثقة لهم منك في حصن حصين، ومحل مكين، لا تناله أكاذيب الكاذبين، ولا أقاويل المفترين، وذلك أن الكاذب كان بالتهمة علي في منزلي وحرمتي أحق مني بالتهمة على رأيي وخلقي، وأنا كنت عندك بالثقة في وفائي أحق منه بالتصديق في عضيهته إياي، فإن الأخ المخبور أولى بالثقة من الساعي بالكذب والزور، وإذا كان تحافظ الإخوان إنما هو معلق بأيدي السفهاء إذا شاؤوا سعوا، فقيل قولهم، فكيف تبقى على ذلك أخوة، أو ترعى معه حرمة، أو يصلح عليه قلب، أو يسلم معه صبر؟.
سهل بن هارون:
وما العيش إلا أن تجود بنائل ... وإلا لقاء الأخ بالخلق العالي
وكتب محمد بن عبد الملك الزيات إلى الحسن بن وهب:
لعمرك ما عيشة رغدة ... لدي إذا غبت بالراضيه
وإني إلى وجهك المستنير ... في ظلمة الليلة الداجيه
لأشوق، من مدنف خائف ... لقاء الحمام، إلى العافيه
قيل لأبي زياد الكلابي: إنك فيما نراك تداجي إخوانك كثيراً، وهذا خلق أنت عالق به قال: لأن أداجيهم مستديماً لما بيني وبينهم أحب إلي من أن أدع المداجاة التي أملكها ولا أملك المصافاة التي قد فقدتها.