لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح. فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعدا. فقال عمر: قتله الله. وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: شخص بصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "في الرفيق الأعلى" ثلاثا وقص الحديث قالت فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى: {الشَّاكِرِينَ}.

11 - قال البخاري (4 - 1618): حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة أن عائشة أخبرته: أن أبا بكر -رضي الله عنه- أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل، فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها. قال الزهري وحدثني أبو سلمة عن عبد الله بن عباس أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس. فقال: اجلس يا عمر. فأبى عمر أن يجلس. فأقبل الناس إليه وتركوا عمر فقال أبو بكر: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى قوله: {الشَّاكِرِينَ}، وقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر. فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. فأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015