أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ " قال: قلت: يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنك كالذي قال الأول اللَّهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي" ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا قال: وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وأخدمه وآكل من طعامه وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضجعت في أصلها قال فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي يا للمهاجرين قتل ابن زنيم قال: فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلتة ضغثا في يدي قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمَّد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعوهم كن لهم بدء الفجور وثناه" فعفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [48/ الفتح/24] الآية كلها.
قال ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رقي هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قال سلمة فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظهره مع رباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستاقه أجمع وقتل راعيه قال فقلت يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين قد أغاروا على سرحه قال ثم