رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حلأتهم منه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كبدها وسنامها، قال قلت: يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه في ضوء النهار فقال: "يا سلمة أتراك كنت فاعلا؟ " قلت: نعم، والذي أكرمك فقال: "إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان" قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم جزورا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقالوا: أتاكم القوم فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة" قال ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال فبينما نحن نسير قال وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا، إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل قال: "إن شئت" قال: قلت اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت قال فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي ثم عدوت في إثره فربطت عليه شرفا أو شرفي ثم إني رفعت حتى ألحقه قال فأصكه بين كتفيه، قال قلت: قد سبقت والله. قال: أنا أظن. قال فسبقته إلى المدينة، قال فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:
تالله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولاصلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا