الهدى في وجهه" فبعثوا الهدي فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله، رجع ولم يصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعظاما لما رأى فقال: يا معشر قريش قد رأيت ما لا يحل صده الهدي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله، فقالوا: اجلس إنما أنت أعرابي لا علم لك. فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي، فقال: يا معشر قريش إنى قد رأيت ما يلقى منكم من تبعثون إلى محمَّد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد، وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئت حتى آسيتكم بنفسي قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم، فخرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس بين يديه فقال: يا محمد جمعت أوباش الناس ثم جئت بهم لبيضتك لتفضها، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا، قال: وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد فقال: امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد قال: "هذا بن أبي قحافة" قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها ثم تناول لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديد قال: يقرع يده ثم، قال: امسك يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل والله لا تصل إليك، قال: ويحك ما أفظك وأغلظك، قال: فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من هذا يا محمد قال: "هذا بن أخيك المغيرة بن شعبة" قال: أغدر؟ هل غسلت سوأتك إلا بالأمس. قال فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما كلم به أصحابه فأخبره أنه لم يأت يريد حربا قال: فقام من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءً إلا ابتدروه ولا يبسق بساقًا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت ملكًا قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا فروا رأيكم قال: