حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: "لقد رأى هذا ذعرا". فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد". فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ -حتى بلغ- الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ}. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت.
2 - قال البخاري (4 - 1525): حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة أن أنسا -رضي الله عنه- أخبره قال: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته.
ورواه مسلم (2 - 916).
3 - قال الإِمام أحمد في حنبل (4 - 323):حدثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري محمَّد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة، قال وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وهذا خالد بن الوليد