أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزمًا منتقعًا لونه مرعوبًا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: مالك يا أبا الحكم؟ قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك جبريل -عليه السلام- لو دنا لأخذه.
[درجته: بعضه صحيح وسنده ضعيف، هذا السند: كما قال ابن إسحاق حدثني بعض أهل العلم عن سعيد ابن جبير وعن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وابن إسحاق هنا خلط الإسنادين ومتنهمًا معًا مما يجعل تمييز حديث ابن عباس عن حديث ابن جبير صعبًا، لذلك يمكن اعتبار السندين إسنادًا واحدًا ضعيفًا، لكن يمكن -غالبًا- بالرجوع إلي مرويات الطبري الحصول على دقة أكثر في المتن والسند، فقد قال ابن إسحاق - تفسير الطبري (15 - 164):
حدثني شيخ من أهل مصر قدم منذ بضع وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلًا من بني عبد الدار وأبا البختري أخا بني أسد والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيهًا ومنبهًا ابني الحجاج السهميين اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس ثم ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمَّد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه. فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك. فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعًا وهو يظن أنه بدا لهم في أمره بداء، وكان عليهم حريصًا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم فقالوا: يا محمَّد إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله ما نعلم رجلًا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن