قال ابن عبد البر في [الجامع 1/ 291]: - " بلغني أن إسماعيل بن إسحاق قيل له لو ألفت كتاباً في أدب القضاء فقال وهل للقاضي أدب غير أدب الإسلام ثم قال إذا قضى القاضي بالحق فليقعد في مجلسه كيف شاء وبمد رجليه إن شاء "

وقال ابن أبي الدنيا في [الإخلاص والنية 38] "حدثنا خالد بن خداش حدثني مالك بن أنس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله قال: كان لا يعرف البر في عمر ولا ابن عمر حتى يقولا أو يعملا. "

أقول: رجاله ثقات وعبيد الله أدرك ابن عمر ولم يدرك عمر فبعض الأثر صحيح وبعضه منقطع وهذه الحال التي حكاها عن الفاروق وابنه تعاكس تماماً حال كثيرٍ من الخلوف المنتسبين للعلم.

قال الإمام أحمد في [الزهد ص320]: " حدثنا وكيع عن سفيان عن يونس عن الحسن قال: لقد أدركت أقواماً إن كان الرجل ليجلس مع القوم يرون أنه عيي وما به عي إنه لفقيه مسلم "

وقال ابن رجب في [فضل علم السلف على علم الخلف ص52 - 53]:" وقال بعض السلف إذا أراد الله بعبد شراً أغلق عنه باب العمل وفتح له باب الجدل.

وقال مالك: أدركت أهل هذه البلدة وإنهم ليكرهون هذا الإكثار الذي فيه الناس اليوم: يريد المسائل وكان يعيب كثرة الكلام والفتيا ويقول يتكلم أحدهم كأنه جمل مغتلم يقول هو كذا هو كذا بهذر في كلامه وكان يكره الجواب في كثرة المسائل ويقول قال اللَهُ عز وجل {وَيَسأَلونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِن أَمرِ رَبّي} فلم يأته في ذلك جواب. وقيل له الرجل يكون عالماً بالسنن يجادل عنها؟ قال لا ولكن يخبر بالسنة فان قبل منه وإلا سكت: وقال المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم وقال المراء في العلم يُقسي القلب ويورث الضعن: وكان يقول في المسائل التي يسئل عنها كثيراً لا أدري: وكان الإمام أحمد يسلك سبيله في ذلك.

وقد ورد النهي عن كثرة المسائل وعن أغلوطات المسائل وعن المسائل قبل وقوع الحوادث وفي ذلك ما يطول ذكره: ومع هذا ففي كلام السلف والأئمة كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق التنبيه على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب: وفي كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه فما سكت من سكت من كثرة الخصام والجدال من سلف الأمة جهلا ولا عجزاً ولكن سكتوا عن علم وخشية للَّه. وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم ولكن حباً للكلام وقلة ورع " انتهى كلامه رحمه الله تعالى

ومن مظاهر الخلفية في فهم العلم الشرعي , اعتقاد بعضهم أن ما ورد في فضل حملة القرآن يحصله من يحفظ حروفه فقط ولا يعرف معانيه , ولذلك تجدهم ينفقون الوقت الطويل ويفنون الأعمار في إقامة الحروف دون معرفة الحدود بل في ذلك مشابهون لأهل الكتاب الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني يعني تلاوة , وقد كان الخوارج وهم شر قتلى تحت أديم السماء قد أقاموا حروفه وما أقاموا حدوده فتأمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015