135 - قال ابن المبارك في الزهد [576]:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ أَبْيَضُ وَأَبَضُّ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُمْ، فَخَرَجَ إِلَى الْحَجِّ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَيَعْجَبُ لَهُ، ثُمَّ يَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى مَتْنِهِ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا عَنْ مِثْلِ الشِّرَاكِ.
فَيَقُولُ: بَخٍ بَخٍ، نَحْنُ إِذًا خَيْرُ النَّاسِ إِنْ جُمِعَ لَنَا خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَأُحَدِّثُكَ إِنَّا بِأَرْضِ الْحَمَّامَاتِ وَالرِّيفِ.
فَقَالَ عُمَرُ: سَأُحَدِّثُكَ مَا بِكَ، إِلْطَافُكَ نَفْسَكَ بِأَطْيَبِ الطَّعَامِ، وَتَصَبُّحُكَ حَتَّى تَضْرِبَ الشَّمْسُ مَتْنَكَ.
وَذَوُو الْحَاجَاتِ وَرَاءَ الْبَابِ.
قَالَ: فَلَمَّا جِئْنَا ذَا طُوًى أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ حُلَّةً فَلَبِسَهَا، فَوَجَدَ عُمَرُ مِنْهَا رِيحًا كَأَنَّهُ رِيحُ طِيبٍ.
فَقَالَ: يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ فَيَخْرُجُ حَاجًّا تَفِلًا حَتَّى إِذَا جَاءَ أَعْظَمَ بُلْدَانِ اللَّهِ: حَرَمَهُ، أَخْرَجَ ثَوْبَيْهِ كَأَنَّهُمَا كَانَا فِي الطِّيبِ فَلَبِسَهُمَا.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا لَبِسْتُهُمَا لِأَنْ أَدْخُلَ فِيهِمَا عَلَى عَشِيرَتِي أَوْ قَوْمِي، وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَذَاكَ هَهُنَا وَبِالشَّامِ.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ عَرَفْتُ الْحَيَاءَ فِيهِ، وَنَزَعَ مُعَاوِيَةُ الثَّوْبَيْنِ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا.