قال الله عز وجل (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) (?) (?) .
وما أن فاضت روحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتلحق بالرفيق الأعلى إلا ومدرسة النبوة قد بدأت تتحمل هذه المسؤولية من خلال تلك الصفوة التي تهذبت وتربت ونهلت من ذلك البيان، واشتهر منهم في علم التفسير جماعة كالخلفاء الراشدين وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت وأُبي بن كعب وأبي موسى الأشعري وعبد الله ابن الزبير (?) ، ومنهم المكثرون كابن عباس وابن مسعود، ومنهم من لم يكثر وذلك بسبب تقدم وفاتهم أو انشغالهم في الإعداد والإدارة والجهاد، وقد نالوا -رضوان الله عليهم- الحظ الأوفر من ذلك الهدي والبيان النبوي، فتلقوه بكل همة وحفظوه وطبقوه بدقة وأمانة، ثم قدموه إلى من بعدهم من التابعين فنشروا ما علموه بحكمة وصيانة مع التحري والتدقيق.
(وتلقى التابعون التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة) (?) ، وقد قام التابعون الذين تحملوا هذا العلم بواجبهم تجاه هذا القرآن العظيم، فكرسوا اهتمامهم وبذلوا جهودهم لتلقي ما ورد من آثار لبيان معاني ومرامي هذا القرآن الكريم، فعرفوا تفسيره وأسباب نزوله، وفضائله وأمثاله، وأحكامه وأقسامه، وغريبه ومعربه، وبينوا المحكم من المتشابه، والناسخ والمنسوخ، والعموم من الخصوص، والمفصل من المجمل، والمقدم من المؤخر، والمطلق من المقيد.