القرآن للجواز نحو قوله هنا: (وإذا حللتم فاصطادوا) وقوله: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) وقوله: (فالآن باشروهن) الآية، وقوله: (فإذا تطهرن فأتوهن) الآية. وبهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب، فالصيد قبل الاحرام كان جائزا فمنع للإحرام، ثم أمر به بعد الإحلال بقوله: (وإذا حللتم فاصطادوا) .
قوله تعالى (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن عدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (ولا يجرمنكم شنئان قوم) يقول: لا يحملنكم بغض قوم.
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين حكمة هذا الصد، ولم يذكر أنهم صدوا معهم الهدي معكوفا أن يبلغ محله، وذكر في سورة الفتح أنهم صدوا معهم الهدي، وأن الحكمة في ذلك المحافظة على المؤمنين والمؤمنات، الذين لم يتميزوا عن الكفار في ذلك الوقت، بقوله: (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) وفي هذه الآية دليل صريح على أن الإنسان عليه أن يعامل من عصى الله فيه، بأن يطيع الله فيه.
قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
قال مسلم: حدثنى محمد بن حاتم بن ميمون، حدثنا ابن مهدى، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن البر والإثم؟ فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ماحاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".
(الصحيح 4/1980 ح 2553 - ك البر والصلة، في تفسير البر والإثم) .