قبله وكان في البيوت، وكان إبراهيم قبله وفي البيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة، (فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) ثم حدث أن إبراهيم -عليه السلام- لما أمر ببناء البيت ضاق به ذرعاً فلم يَدْرِ كيف يبنيه، فأرسل الله السكينة، وهي ريح خجوج لها رأس، فتطوقت له بالحج، فكان يبني عليها كل يوماً سافاً، ومكة شديدة الحر، فلما بلغ الحَجَرَ، قال لإسماعيل: اذهب فالتمس لي حجراً أضعه. فذهب يطوف في الجبال، فجاء جبريل بالحجر فوضعه، فجاء إسماعيل فقال: من أين هذا؟ قال: جاء به من لم يتكل على بنائي وبنائك، فوضعه، فلبث ما شاء الله أن يلبث، ثم انهدم، فبنتْه العمالقة، ثم انهدم فبنته جُرْهُم، ثم انهدم فبنته قريش، فلما أرادوا أن يضعوا الحَجَر تنازعوا في وضعه. قالوا: أول من يخرج من هذا الباب يضعه، فخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من باب بني شيبة، فأمر بثوب فبسط، ووضع الحجر في وسط الثوب، وأمر من كل فخذٍ رجلاً أن يأخذ ناحية الثوب، فأخذوه فرفعوه، فأخذه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوضعه. فقام رجل آخر فقال: أخبرني عن هذه الآية: (وان امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جُناح عليهما) حتى ختم الآية؟ قال: عن مثل هذا فَسَلوا، هذا العلم، هو الرجل تكون له امرأتان، إحداهما قد عجزت وهي دميمة، فيصالحها أن يأتيها كل يوم، أو ثلاثة، أو أربع. فقام إليه رجل آخر فسأله عن هذه الآية: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) (النساء 128) . فأقيمت الصلاة فقام. روى قتيبة عن أبي عوانة، عن سماك، عن خالد بن عرعرة قال: سمعت علياً وسأله رجل عن: (الذاريات ذَروا) و (الحاملات وقراً) و (المقسمات) .
(المختارة 2/60 ح 438) . وحسنه المحقق وهو كما قال، وأخرجه الحاكم من طريق خالد بن عرعرة به منحصراً على الآية المذكورة وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/292-293) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: "بكة" بك الناس بعضهم بعضا، الرجال والنساء، يصلى بعضهم بين يدي بعض، لا يصح ذلك إلا بمكة.