ولهذه الأمة تجربة خالدة حينما تدبرت هذا القرآن وأخذته بقوة، حيث أسعفها في طفرتها الكبرى حينما انتشلها من دياجير الجاهلية إلى مشاعل النور (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (?) فلما التزمت بهدية هداها، ولما تركته تركها كما نرى الحال في هذا الزمان.
وبما أن العلماء هم الذين ينصحون الأمة ويحذرونها من مغبَّة البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد صدرت نداءاتهم المتكررة في كل زمان وحثهم الأمة على العودة إلى القرآن والسنة وغالباً ما يواكب هذه النداءات الدعوة لتنقية التفسير من الدخيل بأنواعه أو تصنيف تفسير نقلي بعدما ثبت فشل المدرسة العقلية -عندما زهدت بالأحاديث والآثار الصحيحة إذ لابد من الاستفادة منها- (?) ، وذلك من خلال نصائح العلماء وطلاب العلم والمثقفين، وهو مطلب مهم لأن التفسير علم جامع للقرآن والسنة.
وإن جندياً من جنود القرآن والسنة ليدرك من غير شك أهمية هذا المطلب الإسلامي والمسؤولية التي تناط به وخصوصاً في عصرنا الحاضر، وآمل ساعياً أن أحقق أملاً من الآمال التي تعقد على طلاب العلم.
من أجل هذا المنطلق جاءت فكرة تصنيف هذا الكتاب حيث قررت أن أجمع كل ما صح إسناده من التفسير بالمأثور؛ لأن الرواية التفسيرية الصحيحة تتقبلها النفوس -إن كانت صادقة- بكل اطمئنان وتأخذها بقوة وجدية، وخصوصاً إذا كانت الرواية من الصحيحين أو على شرطهما أو على شرط