المحتقِر له، ولهذا قال (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن) فنص على نهي الرجال وعطف بنهي النساء. وقوله (ولا تلمزوا أنفسكم) أي: لا تلمزوا الناس.
والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون، كما قال (ويل لكل همزة لمزة) فالهمز بالفعل واللمز بالقول، كما قال (هماز مشاء بنميم) أي يحتقر الناس ويهمزهم طعنا عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة وهي: اللمز بالمقال.
قوله تعالى (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ…)
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، عن داود، عن عامر قال: حدثني أبو جبيرة بن الضحاك قال: نزلت هذه الآية في بني سلمة (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) قال: قدم علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "يا فلان" فيقولون: مه يا رسول الله، إنه يغضب من هذا الاسم، فأنزلت هذه الآية (ولا تنابزوا بالألقاب) .
(السنن 4/290، 291 ح4962 - ك الأدب، ب في الألقاب) ، وأخرجه الترمذي (السنن 5/388 ح3268) ، وابن ماجة (السنن 2/1231 ح3741) ، وأحمد (المسند 4/260) ، والطبري (التفسير - سورة الحجرات 26/132) ، والحاكم (المستدرك 2/463) من طرق عن داود بن أبي هند به.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: صحيح (صحيح أبي داود ح4151، وصحيح الترمذي ح2606) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (لا يسخر قوم من قوم) قال: لا يهزأ قوم بقوم أن يسأل رجل فقير غنياً أو فقيراً، وان تفضل عليه رجل بشيء فلا يستهزئ به.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) قال: لا تطعنوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) يقول: ولا يطعن بعضكم على بعض.