قوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)
قال البخاري: حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جُريج أخبرهم قال يعلى: إن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن، لو تُخبرنا أن لما عملنا كفّارة.
فنزل (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون) ونزل (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) .
(الصحيح 8/411 ح4810 - ك التفسير، سورة الزمر) ، وأخرجه مسلم في صحيحه (1/113 ح122 - ك الإيمان، ب كون الإسلام يهدم ما قبله) .
قال الحاكم: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا الحسن ين الربيع، ثنا عبد الله بن إدريس، حدثني محمد بن إسحاق قال: وأخبرني نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر قال: كنا نقول ما لمفتن توبة وما الله بقابلٍ منه شيئاً، فلما قدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة أنزل فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) والآيات التي بعدها قال عمر: فكتبتها فجلست على بعيري، ثم طفت المدينة، ثم أقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة وأصحابه من المهاجرين، وقد أقام أبو بكر - رضي الله عنه - ينتظر أن يؤذن لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيخرج معه.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (المستدرك 2/435 - ك التفسير، وصححه الذهبي) وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة 1/317-319 ح212-214) من طريق عن ابن إسحاق به، وحكم محققه بحسن أسانيدها. وقد عزاه الهيثمي للبزار وقال: رجاله ثقات. (مجمع الزوائد 6/61) وعزاه الحافظ ابن حجر إلى ابن السكن في كتابه الصحابة بسند صحيح (الإصابة 3/572) .