قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ، الحرج: الضيق كما أوضحناه في أول سورة الأعراف. وقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن الحنيفة السمحة التي جاء بها سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنها مبنية على التخفيف والتيسير، لا على الضيق والحرج، وقد رفع الله فيها الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا. وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ذكره جل وعلا في غير هذا الموضع كقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، وقوله (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً) .
قال النسائي: أنا هشام بن عمار، نا محمد بن شعيب، أنبأني معاوية بن سلام، أن أخاه زيد بن سلام أخبره، عن أبي سلام، أنه أخبره قال: أخبرني الحارث الأشعري عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم.
قال رجل: يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال: نعم، وإن صام وصلى، فادعوا بدعوى الله التي سمَّاكم الله بها: المسلمين المؤمنين، عباد الله".
(التفسير 2/94 ح 369) وهذا الإسناد حسن. وهذا الحديث جزء من حديث طويل أخرجه الطيالسي في مسنده (رقم 1161، 1162) ومن طريقه الترمذي (5/148 ح 2863) ، وابن خزيمة في صحيحه (3/195 ح 1895) ، والحاكم في المستدرك (1/421) ، وأخرجه أحمد في المسند (4/130) وأبو يعلى في مسنده (3/140 ح 1571) ، والطبراني في الكبير -مختصراً- (3/327 ح 3431) ، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 8/43 ح 6200) ، كلهم من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام به، وأول الحديث: "إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات ... " فذكره مطولاً، وفي آخره قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن: الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ... " الحديث، وفيه "ومن دعا بدعوى الجاهلية ... " الخ قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن كثير -وقد ساقه من رواية الإمام أحمد-: هذا حديث حسن (التفسير 1/58 - عند الآية (22) من سورة البقرة) . وصححه الشيخ الألباني (صحيح الترمذي رقم 2298) .