قوله تعالى (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)
قال الشيخ الشنقيطي: بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أنزل هذا القرآن بالحق أي متلبسا به متضمنا له فكل ما فيه حق فأخباره صدق وأحكامه عدل كما قال تعالى (وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا) وكيف لا وقد أنزله جل وعلا بعلمه كما قال تعالى (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه) الآية، وقوله (وبالحق نزل) يدل على أنه لم يقع فيه تغيير ولا تبديل في طريق إنزاله لأن الرسول المؤتمن على إنزاله قوي لا يغلب عليه حتى يغير فيه أمين لا يغير ولا يبدل كما أشار إلى هذا بقوله (نزل به الروح الأمين على قلبك) الآية، وقوله (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين) الآية، وقوله في هذه الآية (لقول رسول) أي لتبليغه عن ربه بدلالة لفظ الرسول لأنه يدل على أنه مرسل به.
قوله تعالى (وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)
قال الطبري: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن من السماء جمله واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة قال: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) وقرآن فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا.
ورجاله ثقات، وإسناده صحيح. وابن المثنى هو محمد، وداود هو ابن أبي هند حيث صرح الحاكم فأخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند به، وصححه الحاكم والذهبي (المستدرك 2/368) ، وصححه أيضاً الحافظ ابن حجر (فتح الباري 9/4) .
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (وقرآن فرقناه) يقول: فصلناه.
وقال الطبري: حدثنا ابن المثنى قال: بدل بن المحبر، قال: ثنا عباد، يعني ابن راشد، عن داود عن الحسن أنه قرأ (وقرآنا فرقناه) خففها: فرق الله بين الحق والباطل.
وسنده حسن، وابن المثنى هو محمد، وداود ابن أبي هند.
وأخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالسند الصحيح عن مجاهد قوله (على مكث) قال: في ترتيل.