قوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)
قال ابن كثير: أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحاً نبيهم عليهم السلام، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين، ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين، وذكر تعالى أنه أتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء، وكانت تسرح في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، فلما عتوا وعقروها قال لهم: (تمنعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) .
قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن، قال: حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأصحاب الحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يُصيبكم مثلُ ما أصابهم".
(صحيح البخاري 8/232- ك التفسير- سورة الحجر، ب (الآية) ح/4702) أخرجه مسلم- الزهد والرقائق 4/2285 ح 2980)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (أصحاب الحجر) ، قال: أصحاب الوادي.
قوله تعالى (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين)
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أصحاب الحجر وهم ثمود قوم صالح كانوا آمنين في أوطانهم، وكانوا ينحتون الجبال بيوتا. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله تعالى: (أتتركون فيما ها هنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) وقوله تعالى: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله..) الآية، وقوله: (وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي) أي قطعوا الصخر بنحته بيوتا.