ضالا فهدى) أي لست عالما بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي، فهداك إليها وعلمكها بما أوحى إليك من هذا القرآن العظيم. ومنه بهذا المعنى قول الشاعر:
وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم
يعني: أنها غير عالمة بالحقيقة في ظنها أنه يبغي بها بدلا وهو لا يبغي بها بدلا.
وليس مراد أولاد يعقوب الضلال في الدين، إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا، وإنما مرادهم أن أباهم في زعمهم في ذهاب عن إدراك الحقيقة، وإنزال الأمر منزلته اللائقة به، حيث آثر اثنين على عشرة، مع أن العشرة أكثر نفعا له، وأقدر على القيام بشؤونه وتدبيره أموره.
قوله تعالى (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (لا تقتلوا يوسف) قال: كان أكبر إخوته، وكان ابن خالة يوسف، فنهاهم عن قتله.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله: (غيابت الجب) قال: بئر بيت المقدس، بئر في بعض نواحيها.
قوله تعالى (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (يرتع ويلعب) قال: يسعى ويلهو.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (يرتع) ، قال: يحفظ بعضنا بعضاً، نتكالأ.
قوله تعالى (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
قال الشيخ الشنقيطي: أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه أوحى إلى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه سينبئ إخوته بهذا الأمر الذي فعلوا به في حال كونهم لا يشعرون. ثم صرح في هذه السورة الكريمة بأنه جل وعلا أنجز