مصادره الاصلية، وصحح وزنه إذا روي فيه مكسورا أو محرفا أو مصحفا، وكذلك وثق الاحاديث النبوية وبين أماكن ورودها في كتب الحديث، ومثلها فعل في الآيات القرآنية الكريمة، والامثال العربية، والاسماء، والاعلام، والمواطن، والقبائل، واللغات المختلفة. نستطيع أن نقول: إن شخصية العطار تجاه الجوهري نامية وقوية، فلا هو يقبل كل ما يأتي به، ولا هو يرفضه، وإنما يناقش كل شئ، فيصحح ما يصح عنده، ويخطئ ما يراه ناشزا أو غير صحيح. لهذا كله نال هذا التحقيق ثقة العلماء، وتقديرهم، وظفرت العربية بكنز ثمين لا يعدله ذهب أو جوهر.. * * * أما العمل الثالث فهو تأليف " مقدمة الصحاح ". لقد شبهت هذه المقدمة ب‍ " مقدمة ابن خلدون " لتاريخه الذي سماه " كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أخبار العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاكبر "، ويختصره الناس فيقولون: تاريخ ابن خلدون. وكثير من العلماء من فضل مقدمة ابن خلدون على تاريخه ذاته، وعدها فتحا جديدا في علم الاجتماع، والعمران، وأحوال الممالك، وأدار حولها كثيرا من الدراسات الجادة. أما نحن فلا نستطيع أن نقول: أن مقدمة الصحاح خير من الصحاح نفسه، كما قال فريق عن ابن خلدون، ولكنا نقول: إنهما بمثابة العينين من الانسان، فلا اليمنى تفضل اليسرى، ولا اليسرى تفضل اليمنى، كلتاهما غالية. هذه المقدمة دفعت أديب العربية الكبير المرحوم " عباس محمود العقاد " أن يكتب فيها تقريظا، دونه أرفع وسام في العالم، ومثله كتب المرحوم ورئيس هيئة الامر بالمعروف الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، والامير فهد ابن عبد العزيز يوم كان وزيرا للمعارف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015