جاهل كاذب على الصحابة والتابعين وأهل الإجماع، وقد نهى علي بن الحسين زين العابدين الذي هو أفضل أهل بيته وأعلمهم في وقته ذلك الرجل الذي كان يجيء إلى فرجة كانت عند القبر فيدخل فيها فيدعوا واحتج عليه بما سمعه من أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً فإن تسليمكم يبلغي أينما كنتم)) (?) ، وكذلك ابن عمه حسن بن حسن بن علي شيخ أهل بيته كره أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول القبر: ما لي رأيتك عند القبر، فقال: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم مقابر لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم (?) ، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء)) .
وكذلك سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أحد الأئمة الأعلام وقاضي المدينة في عصر التابعين ذكر عنه ابنه إبراهيم أنه كان لا يأتي القبر قط، وكان يكره إتيانه أفيظن بهؤلاء السادة الأعلام أنهم خالفوا الإجماع، وتركوا تعظيم صاحب القبر وتنقصوا به، فهذا لعمر الله هو الكلام الذي تقشعر منه الجلود وليس مع عباد القبور من الإجماع إلا ما رأوا عليه العوام والطغام في الأعصار التي قل فيها العلم والدين، وضعفت فيها السنن وصار المعروف فيها منكراً، والمنكر معروفاً من اتخاذ القبر عيداً، والحجج إليه واتخاذه منسكاً للوقوف والدعاء، كما يفعل عند موقف الحج بعرفة ومزدلفة وعند الجمرات وحول الكعبة، ولا ريب أن هذا وأمثاله في قلوب عباد القبور لا ينكرونه ولا ينهون عنه، بل يدعون إليه ويرغبون فيه، ويحضون عليه ظانين أنه من تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والقيام بحقوقه.
وإن من لم يوافقهم على ذلك خالفهم فيه فهو منتقص تارك للتعظيم الواجب، وهذا قلب لدين الإسلام وتغيير له.
ولولا أن الله سبحانه ضمن لهذا الدين أن لا يزال طائفة من الأمة قائمة به لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة لجرى عليه ما جرى على دين أهل الكتاب