وفي صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها)) (?) وفي المسند وصحيح أبي حاتم أنه قال: أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذي يتخذون القبور مساجد)) (?) وقد تقدم نهيه أن يتخذ قبري عيداً.
فلما علم الصحابة أنه قد نهاهم عن أن يتخذوه مصلى لقبر التي يتقرب بها إلى الله لئلا يتشبهوا بالمشركين الذين يتخذونها ويصلون بها وينذرون لها كان نهيهم عن دعائها أعظم وأعظم، كما أنه لما نهاهم عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها لئلا يتشبهوا بمن يسجد للشمس كان نهيهم ع السجود للشمس أولى وأحرى فكان الصحابة يقصدون الصلاة والدعاء والذكر في المساجد التي بنيت لله دون قبور الأنبياء والصالحين التي نهوا أن يتخذوها مساجد، وإنما هي بيوت المخلوقين وكانوا يفعلون بعد موته ما كانوا يفعلون في حياته صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
وقال: ويؤيد هذا التأويل ما جاء في الحديث نفسه لا تجعلوا بيوتكم قبوراً أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تجعلوا كالقبور التي لا يصلي فيها.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتاً مخصوصاً لا تكون الزيارة إلا فيه.