قال القاضي عياض (رحمه الله) زيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنة بين المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها.
قلت: هذا الإجماع الذي حكاه القاضي عياض رحمه الله تعالى حكاه شيخ الإسلام أيضاً، في غير موضع، وقد قدمناه غير مرة ذكر في مصنفاته وفتاويه ومناسكه استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المشروع، ولم يذكر في ذلك نزاعاً بين العلماء، وإنما ذكر الخلاف بينهم في السفر لمجرد زيارة القبور، واختار المنع من ذلك كما هو مذهب مالك وغيره من أهل العلم، وهو الذي اختاره القاضي عياض مع حكايته هذا الاجماع.
ومقصوده المعترض الاحتجاج على الشيخ بهذا الإجماع الذي ذكره القاضي عياض، والشيخ لا يخالف هذا الإجماع، بل يوافقه ويذهب إليه ويحكيه في مواضع مع قوله بالنهي عن السفر لزيارة القبور، كما ذهب إليه القاضي عياض ناقل هذا الإجماع، وينبغي للمعترض وأمثاله أن يعرفوا الفرق بين مواقع الاجتماع ومحال النزاع ولا يخلطوا بعضها ببعض.
ولا ريب أن الإنسان إذا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم استحب له أن يفعل فيه ما يشرع له من الصلاة والصلاة على الرسول والتسليم والثناء (عليه) ونشر فضائله ومناقبه وسننه وما يوجب محبته وتعظيمه والإيمان به وطاعته، وهذا هو المقصود من الزيارة الشرعية والسفر إلى مسجده للصلاة فيه، وما يتبع ذلك مستحب بالنص والإجماع، والسفر لمجرد زيارة القبر فيه نزاع.
قال الشيخ في أثناء كلامه (?) : والقاضي عياض مع مالك وجمهور أصحابه يقولون: إن السفر إلى غير المساجد الثلاث محرم كقبور الأنبياء، فقول القاضي عياض: إن زيارة