أبو بكر البيهقي في باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم،وهو اعتماد صحيح واستدلال مستقيم، لأن الزائر المسلم على النبي صلى الله عليه وسلم يحصل له فضيلة رد النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليه وهي رتبة شريفة ومنقبة عظيمة ينبغي التعرض لها، والحرص عليها لينال بركة سلامه صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: ليس في الحديث تخصيص بالزائر فقد يكون هذا حاصلاً لكل مسلم قريباً كان أو بعيداً، وحينئذ تحصل هذه الفضيلة بالسلام من غير زيارة، والحديث عام، قلت: قد كذره ابن قدامه من رواية أحمد ولفظه: ((مامن أحد يسلم علي عند قبري)) وهذا زيادة مقتضاها التخصيص، فإن ثبت فذاك، وإن لم يثبت فلا شك أن القريب من القبر يحصل له ذلك، لأنه في منزلة المسلم بالتحية التي تستعدي الرد كما في حال الحياة، فهو بحضوره عند القبر قاطع بنيل هذه الدرجة على مقتضى الحديث متعرض لخطاب النبي صلى الله عليه وسلم له برد السلام عليه، وفي المواجهة بالخطاب فضيلة زائدة على الرد على الغائب انتهى ما ذكره المعترض.

وقد روى الإمام أحمد بن حنبل حديث أبي هريرة هذا في مسنده (?) ، وليس في هذه الزيارة (?) المضافة إلى روايته، فقال: حدثنا عبد الله بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا حيوه، حدثنا أبو صخر أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عز وجل علي روحي حتى أرد عليه السلام)) هكذا رواه في هذا اللفظ ليس فيه عند قبري، وما أضيف إليه من هذه الزيادة فهو على سبيل التفسير منه لا أنه مذكور في روايته.

وأعلم أن هذا الحديث هو الذي اعتمد عليه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما من الأئمة في مسألة الزيارة، وهو أجود ما استدل به في هذا الباب، مع هذا فإنه لا يسلم من مقال في إسناده، ونزاع في دلالته: أما المقال في إسناده فمن جهة تفرد أبي صخر به عن ابن قسيط، عن أبي هريرة، ولم يتابع ابن قسيط أحد في روايته عن ابن قسيط، وأبو صغر هو حميد بن زياد وهو ابن أبي المخارق المدني الخراط صاحب العباء سكن مصر، ويقال: حميد بن صخر، وقال ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015