وفي رواية عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) ثم زعم أن أقل درجات هذا الحديث أن يكون حسناً إن توزع في دعوى صحته؛ وذكر أن الراجح كونه من رواية عبيد الله المصفر الثقة لا من رواية عبد الله المكبر المضعف، وقال في أثناء كلامه: يحتمل أن يكون الحديث عن عبيد الله وعبد الله جميعاً ويكون موسى سمعه منهما فتارة حدث به عن هذا وتارة حدث به عن هذا، قال في آخر كلامه: وبهذا بل بأقل منه يتبين افتراء من ادعى أن جميع الأحاديث الواردة في الزيارة موضوعة؛ فسبحان الله أما استحي من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها عالم ولا جاهل، لا من أهل الحديث، ولا من غيرهم ولا ذكر أحد موسى بن هلال ولا غيره من رواة حديث هذا بالوضع، ولا اتهمه به فيما علمنا فكيف يستجير مسلم أن يطلق على كل الأحاديث التي هو واحد منها أنها موضوعة ولم ينقل إليه ذلك عن عالم قبله ولا ظهر على هذا الحديث شيء من الأسباب المقتضية للمحدثين للحكم بالوضع،ولا حكم متنه مما يخالف الشريعة، فمن أي وجه يحكم بالوضع عليه لو كان ضعيفاً فكيف وهو حسن، أو صحيح.

هذا كله كلام المعترض، وهو متضمن للتحامل والهوى وسوء الأدب والكلام بلا علم.

والجواب أن يقال: هذا الحديث الذي ابتدأ المعترض بذكره وزعم أنه حديث حسن أو صحيح هو أمثل حديث ذكره في هذا الباب، وهو مع هذا حديث غير صحيح ولا ثابت بل هو حديث منكر عند أئمة هذا الشأن ضعيف الإسناد عندهم لا يقوم بمثله حجة ولا يعتمد على مثله عند الاحتجاج إلا الضعفاء في هذا العلم، وقد بين أئمة هذا العلم والراسخون فيه والمعتمد على كلامهم والمرجوع إلى أقوالهم ضعف هذا الخبر ونكارته كما سنذكر بعض ما بلغنا عنهم في ذل إن شاء الله تعالى.

وجميع الأحاديث التي ذكرها المعترض في هذا الباب وزعم إنها بضعة عشر حديثاً ليس فيها حديث صحيح، بل كلها ضعيفة واهية، وقد بلغ الضعف ببعضها إلى أن حكم عليه الأئمة الحفاظ بالوضع، كما أشار إليه شيخ الإسلام.

ولو فرض أن هذا الحديث المذكور صحيح ثابت لم يكن فيه دليل على مقصود هذا المعترض، ولا حجة على مراده كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، فكيف وهو حديث منكر ضعيف الإسناد واهي الطريق، لا يصلح الاحتجاج بمثله، ولم يصححه أحد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015