المشهور المتفق على صحته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)) (?) ، هكذا خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما بصيغة الخبر لا تشد الرحال، ومعنى الخبر في هذا معنى النهي، يبين ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى)) (?) ، هكذا رواه مسلم بصيغة النهي، ورواه الإمام إسحاق بن راهويه في مسنده (?) ، بصيغة الحصر: ((إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد مسجد إبراهيم ومسجد محمد ومسجد بيت المقدس)) .
وقد روي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الني: ((لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس)) .
هذا هو الذي فعل الشيخ: حكى الخلاف في مسألة بين العلماء واحتج لأحد القولين بحديث متفق على صحته، فأي عتب عليه في ذلك؟ ولكن نعوذ بالله من الحسد والبغي واتباع الهوى، والله سبحانه المسئول أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه من العمل الصالح والقول الجميل؛ فإنه يقول الحق وهو يهدي السبيل، وينفعنا وسائر المسلمين بما يستعملنا به من الأقوال والأفعال، ويجعله موافقاً لشرعته خالصاً لوجهه موصلاً إلى أفضل حال، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
وهذا حين الشروع في مناقشة هذا المعترض على شيخ الإسلام وبالله التوفيق قال في أول كتابه الذي جمعه:
الحمد لله من علينا برسوله، وهدانا إلى سواء سبيله، وأمرنا بتعظيمه وتكريمه