والمقصود هنا أن يعرف أن ما مضت به سنته، وكان عليه خلفاؤه وأصحابه وأهل العلم والذين بالمدينة من تركهم لزيارة قبره أكمل في القيام بحق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو أكمل وأفضل وأحسن مما يفعل مع غيره، وهو أيضاً في حق الله وتوحيده أكمل وأتم وأبلغ وأما كونه أتم في حق الله فلأن حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً كما ثبت ذلك في الصحيحين عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم (?) .
ويدخل في العبادة جميع خصائص الرب فلا يتقي غيره ولا يخاف غيره ولا يتوكل على غيره، ولا يدعي غيره ولا يصلي لغيره، ولا يصام لغيره، ولا يتصدق لغيره ولا يحج إلا إلى بيته، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (النور 052) فجعل الطاعة لله والرسول وجعل الخشية والتقوى لله وحده وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} (التوبة 059) فجعل الإيتاء لله والرسول وجعل التوكل والرغبة لله وحده وقال: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} ) الشرح 7-8) وقال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} (النحل 051-052)
وقال تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} (المائدة 044) وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (الإسراء 56) وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} (فاطر 40) {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (سبأ 022-023)
وهذا الباب واسع وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: ((إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) (?) وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة