ومن ذلك: ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أبغضهم فقد أبغضني ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" وقال: "فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" وأذى الله ورسوله كفر موجب للقتل كما تقدم وبهذا يظهر الفرق بين أذاهم قبل استقرار الصحبة وأذى سائر المسلمين وبين أذاهم بعد صحبتهم له فإنه على عهده قد كان الرجل ممن يظهر الإسلام يمكن أن يكون منافقا ويمكن أن يكون مرتدا فأما إذا مات مقيما على صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير مزنون بنفاق فأذاه أذى مصحوبه قال عبد الله بن مسعود: "اعتبروا الناس بأخدانهم" وقالوا:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي

وقال مالك رضي الله عنه: "إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء كان له أصحاب سوء ولو كان رجلا صالحا كان أصحابه صالحين أو كما قال: وذلك أنه ما منهم رجل إلا كان ينصر الله ورسوله ويذب عن رسول الله بنفسه وماله ويعينه على إظهار دين الله وإعلاء كلمة الله وتبليغ رسالات الله وقت الحاجة وهو حينئذ لم يستقر أمره ولم تنتشر دعوته ولم تطمئن قلوب أكثر الناس بدينه ومعلوم أن رجلا لو عمل به بعض الناس نحو هذا ثم آذاه أحد لغضب له صاحبه وعد ذلك أذى له وإلى هذا أشار ابن عمر قال نسير بن ذعلوق: سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول: "لا تسبوا أصحاب محمد فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله" رواه اللالكائي وكأنه أخذه من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم أو نصيفه" وهذا تفاوت عظيم جدا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015