سنة قال الله تعالى: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} قد قيل: هو الرفيق في السفر وقيل: هو الزوجة ومعلوم أن صحبة الرفيق وصحبة الزوجة قد تكون ساعة فما فوقها وقد أوصى الله به إحسانا ما دام صاحبا وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره" وقد دخل في ذلك قليل الصحبة وكثيرها وقليل الجوار وكثيره وكذلك قال الإمام أحمد وغيره: كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو شهرا أو يوما أو رآه مؤمنا به فهو من أصحابه له من الصحبة بقدر ذلك.

فإن قيل: فلم نهى خالد عن أن يسب أصحابه إذا كان من أصحابه أيضا؟ وقال: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".

قلنا: لأن عبد الرحمن بن عوف ونظراءه هم من السابقين الأولين الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا وهو أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى فقد انفردوا من الصحبة بما لم يشركهم فيه خالد ونظراؤه ممن أسلم بعد الفتح الذي هو صلح الحديبية وقاتل أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه كنسية خالد إلى السابقين وأبعد.

وقوله: "لا تسبوا أصحابي" خطاب لكل أحد أن يسب من انفرد عنه بصحبته عليه الصلاة والسلام وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: "أيها الناس إني أتيتكم فقلت: إني رسول الله إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" أو كما قال بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم قال ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015