قال القاضي: والمذهب الصحيح أنه يسقط بالتوبة كما نقل أبو الحارث وحنبل ومهنا.

فتلخص من هذا أنه إذا أظهر التوبة بعد أن ثبت عليه الحد عند الإمام بالبينة لم يسقط عنه الحد وأما إن تاب قبل أن يقدر عليه بأن يتوب قبل أخذه وبعد إقراره الذي له أن يرجع عنه ففيه روايتان وقد صرح بذلك غير واحد من أئمة المذهب منهم الشيخ أبو عبد الله بن حامد قال: "فأما الزنا فإنه لا خلاف أنه فيما بينه وبين الله تصح توبته منه".

فأما إذا تاب الزاني وقد رفع إلى الإمام فقول واحد: لا يسقط الحد فأما إن تاب بحضرة الإمام فإنه ينظر فإن كان بإقرار منه ففيه روايتان وإن كان ذلك ببينه فقول واحد: لا يسقط لأنه إذا قامت البينة عليه بالزنا فقد وجب القضاء بالبينة والإقرار بخلاف البينة لأنه إذا رجع عن إقراره قبل منه.

وقال في السرقة: لا خلاف أن الحق الذي لله يسقط بالتوبة سواء تاب قبل القطع أو بعده وإنما الخلاف فيمن تاب قبل إقامة الحد فإن كان ذلك قبل أن يرفع إلى الإمام سقط الحد سواء رفع إلى الإمام أو لم يرفع وأما إذا تاب بعد أن رفع إلى الإمام فلا يسقط الحد عنه لأنه حق يتعلق بالإمام فلا يجوز تركه.

قال: وكذلك المحارب إذا تاب من حق الله وقد قدمنا أنا إذا قلنا يسقط الحد عن غير قطاع الطريق بالتوبة فإنه يكفي مجرد التوبة وهذا هو المشهور من المذهب كما يكفي ذلك في قطاع الطريق.

وفيه وجه ثان: أنه لا بد من إصلاح العمل مع التوبة وعلى هذا فقد قيل: يعتبر مضي مدة يعتبر بها صدق توبته وصلاح نيته وليست مقدرة بمدة معلومة لأن التوقيت يفتقر إلى توقيف ويتحرج أن يعتبر مضي سنة كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015