ولا خلاف بين المسلمين علمناه أن الكافر إذا جاء تائبا مريدا للإسلام مظهرا لذلك لم يجز قتله لذلك ولا فرق في ذلك بين الأصلي والمرتد إلا ما ذكرناه من الخلاف الشاذ في المرتد مع أن هذا الحديث يبطل ذلك الخلاف بل لو جاء الكافر طالبا لأن يعرض عليه الإسلام ويقرأ عليه القرآن لوجب أمانه لذلك.

قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} .

وقال تعالى في المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} .

وعبد الله بن سعد إنما جاء تائبا ملتزما لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بل جاء بعد أن أسلم كما تقدم ذكر ذلك ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه كان مريدا لقتله وقال للقوم: "هلا قام بعضكم إليه ليقتله" و"هلا وفيت بنذرك في قتله" فعلم أنه قد كان جائزا له أن يقتل من يفتري عليه ويؤذيه من الكفار وإن جاء مظهر للإسلام والتوبة بعد القدرة عليه وفي ذلك دلالة ظاهرة على أن الافتراء عليه وأذاه يجوز له قتل فاعله وإن أظهر الإسلام والتوبة.

ومما يشبه هذا إعراضه عن أبي سفيان بن الحارث وابن أبي أمية وقد جاءا مهاجرين يريدان الإسلام أو قد أسلما وعلل ذلك بأنهما كانا يؤذيانه ويقعان في عرضه مع أنه لا خلاف علمناه أن الحربي إذا جاء يريد الإسلام وجبت المسارعة إلى قبوله منه وكان الاستئناء به حراما وقد عده بعض الناس كفرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015