الممتنع إذا تاب قبل القدرة فيبقى المقدور عليه مطلقا والممتنع إذا تاب بعد القدرة.

الثاني: أن كل من جاء تائبا قبل أخذه فقد تاب قبل القدرة عليه.

سئل عطاء عن الرجل يجيء بالسرقة تائبا قال: ليس عليه قطع وقرأ: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وكل من لم يؤخذ فهو ممتنع لا سيما إذا لم يؤخذ ولم تقم عليه حجة وذلك لأن الرجل وإن كان مقيما فيمكنه الاستخفاء والهرب كما يمكن المصحر فليس كل من فعل جرما كان مقدورا عليه بل يكون طلب المصحر أسهل من طلب المقيم إذا كان لا يواريه في الصحراء خمر ولا غابة بخلاف المقيم في المصر وقد يكون المقيم له من يمنعه من إقامة الحد عليه فكل من تاب قبل أن يؤخذ ويرفع إلى السلطان فقد تاب قبل القدرة عليه.

وأيضا فإذا تاب قبل أن يعلم به ويثبت الحد عليه فإن جاء بنفسه فقد تاب قبل القدرة عليه لأن قيام البينة وهو في أيدينا قدرة عليه فإذا تاب قبل هذين فقد تاب قبل القدرة عليه قطعا.

الثالث: أن المحارب باللسان كالمحارب باليد قد يكون ممتنعا وقد يكون المحارب باليد مستضعفا بين قوم كثيرين وكما أن الذي يخاطر بنفسه بقتال قوم كثيرين قليل فكذلك الذي يظهر الشتم ونحوه من الضرر بين قوم كثيرين قليل وإن الغالب أن القاطع بسيفه إنما يخرج على من يستضعفه فكذلك الذي يظهر الشتم ونحوه من الساب ونحوه إنما يفعل ذلك في الغالب مستخفيا مع من لا يتمكن من أخذه ورفعه إلى السلطان والشهادة عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015