وأما النفي فهو أن يهرب في الأرض فإن جاء تائبا فدخل في الإسلام قبل منه ولم يؤاخذ بما سلف منه ثم قال في موضع آخر وذكر هذه الآية من شهر السلاح في قبة الإسلام وأخاف السبيل ثم ظفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار: إن شاء قتله وإن شاء صلبه وإن شاء قطع يده ورجله ثم قال: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

وكذلك روى محمد بن يزيد الواسطي عن جويبر عن الضحاك قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} قال: "كان ناس من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق فقطعوا الميثاق وأفسدوا في الأرض فخير الله رسوله أن يقتل إن شاء أو يصلب أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وأما النفي أن يهرب في الأرض ولا يقدر عليه فإن جاء تائبا داخلا في الإسلام قبل منه ولم يؤاخذ بما عمل".

وقال الضحاك: "أيما رجل مسلم قتل أو أصاب حدا أو مالا لمسلم فلحق بالمشركين فلا توبة له حتى يرجع فيضع يده في يد المسلمين فيقر بما أصاب قبل أن يهرب من دم أو غيره أقيم عليه أو أخذ منه".

ففي هذين الأثرين أنها نزلت في قوم معاهدين من أهل الكتاب لما نقضوا العهد وأفسدوا في الأرض وكذلك في تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وإن كان لا يعتمد عليه إذا انفرد أنها نزلت في قوم موادعين وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وادع هلال بن عويمر وهو أبو بردة الأسلمي على ألا يعينه ولا يعين عليه ومن أتاه من المسلمين فهو آمن أن يهاج ومن أتى المسلمين منهم فهو آمن أن يهاج ومن مر بهلال بن عويمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو آمن أن يهاج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015