وعند أبي حنيفة أن حد القذف لا يسقط بالعفو وكذلك تردد من قال: "إن القتل يسقط بالإسلام" هل يؤدب حدا أو تعزيرا على خصوص القذف والسب؟ ومن قال هذا القول قال: لا يستدل علينا بأن الصحابة قتلوا سابه أو أمروا بقتل سابه أو أرادوا قتل سابه من غير استتابة فإن الذمي إذا سبه لا يستتاب بلا تردد فإنه يقتل لكفره الأصلي كما يقتل الأسير الحربي ومثل ذلك لا يستتاب كاستتابة المرتد إجماعا لكن لو أسلم عصم دمه.

كذلك يقول فيمن شتمه من أهل الذمة فإنه يقتل ولا يستتاب كأنه حربي آذى المسلمين وقد أسرناه فإنا نقتله فإن أسلم سقط عنه القتل.

وكذلك أكثر نصوص مالك وأحمد وغيرهما إنما هي أنه يقتل ولا يستتاب وهذا لا تردد فيه إذا سبه الذمي.

ومن قال: "إن الذمي يستتاب" فقد يقول: إنه قد لا يعلم أنه إذا أسلم سقط عنه القتل فيستتاب كما يستتاب المرتد وأولى فإن قتل الكفار قبل الإعذار إليهم وتبليغهم رسالات الله غير جائز.

ومن لم يستتبه قال: هذا هو القياس لما جاء في الكتب في قتل كل كافر أصلي أسير وقد ثبت ثبوتا لا يمكن دفعه أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين كانوا يقتلون كثيرا من الأسرى من غير عرض للإسلام عليهم وإن كانوا ناقضين للعهد وذلك في قصة قريظة وخيبر ظاهر لا يختلف فيه اثنان من أهل العلم بالسيرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذهم أسرى بعد أن نقضوا العهد وضرب رقابهم من غير أن يعرض عليهم الإسلام وقد أمر بقتل ابن الأشرف من غير عرض للإسلام عليه وإنما قتله لأنه كان يؤذي الله ورسوله وقد نقض العهد.

ومن قال: "إذا تاب بالعود إلى الذمة قبلت توبته أو خير الإمام فيه" قال: إنه في هذه الحال بمنزلة حربي قد بذل الجزية عن يد وهو صاغر فيجب الكف عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015