الأنبياء المتعلقة بنبوتهم بخلاف التوبة من الحقوق التي تجب للناس بعضهم على بعض.
الثالث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم منه أنه يدعو للتأسي به وإتباعه ويخبرهم أن من فعل ذلك فقد غفر الله له كل ما أسلفه في كفره فيكون قد عفا لمن قد أسلم عما ناله من عرضه.
وبهذه الوجوه يظهر الفرق بين سب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين سب واحد من الناس فإنه إذا سب واحدا من الناس لم يأت بعد سبه ما يناقض موجب السب وسبه حق آدمي محض لم يعف عنه والمقتضى للسب هو موجود بعد التوبة والإسلام كما كان موجودا قبلهما إن لم يزجر عنه بالحد وهنا كان الداعي إليه الكفر وقد زال بالإيمان وإذا ثبت أن توبته وإيمانه مقبول منه فيما بينه وبين الله فإذا أظهرها وجب أن يقبلها منه لما روى أبو سعيد في حديث ذي الخويصرة التميمي الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في القسمة فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: "لا لعله أن يكون يصلي" قال خالد: "وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" رواه مسلم.
وقال لأسامة في الرجل الذي قتله بعد أن قال لا إله إلا الله: "كيف قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله" قال: إنما قالها تعوذا قال: "فهلا شققت عن قلبه".
وكذلك في حديث المقداد نحو هذا وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ولا خلاف بين المسلمين أن الحربي إذا أسلم عند رؤية السيف وهو مطلق أو مقيد