وقد صح ذلك عنه من وجوه متعددة وهذا الرجل لم يزن ولم يقتل فإن لم يكن قتله لأجل الكفر بعد الإسلام امتنع قتله فثبت أنه إنما يقتل لأنه كفر بعد إسلامه وكل من كفر بعد إسلامه فإن توبته تقبل لقوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} الآية ولما تقدم من الأدلة الدالة على قبول توبة المرتد.
وأيضا فعموم قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما قبله والإسلام يهدم ما كان قبله" رواه مسلم يوجب أن من أسلم غفر له كل ما مضى.
وأيضا فإن المنافقين الذين نزل فيهم قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُم} إلى قوله: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وقد قيل فيهم: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} مع أن هؤلاء قد آذوه بألسنتهم وأيديهم أيضا ثم العفو مرجو لهم وإنما يرجى العفو مع التوبة فعلم أن توبتهم مقبولة ومن عفى عنه لم يعذب في الدنيا ولا في الآخرة.
وأيضا فقوله سبحانه وتعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} إلى قوله: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً} الآية فإنها تدل على أن المنافق إذا كفر بعد إسلامه ثم تاب