دون الذمي عكس الرواية التي حكاها جماعة من الأصحاب وليس الأمر كذلك فإن ابن أبي موسى قال: "ومن سب النبي صلى الله عليه وسلم قتل ولم يستتب ومن سبه من أهل الذمة قتل وإن أسلم" فلم يذكر خلافا في شيء من ذلك كما دل عليه المأثور عن الإمام أحمد وكتاب أبي عبد الله السامري تضمن نقل أبي الخطاب ونقل ابن أبي موسى كما اقتضى شرطه أن يضمنه عدة كتب صغار فلما ذكر ما حكاه أبو الخطاب من الروايتين في المسلم وما ذكره ابن أبي موسى في الذمي إذا أسلم ظهر نوع خلل وإلا فلا ريب أنا قبلنا توبة المسلم بإسلامه فتوبة الذمي بإسلامه أولى فإن كل ما يفرض. في الكافر من غلظ السب فهو في المسلم وزيادة فإنهما يشتركان في أذى النبي صلى الله عليه وسلم وينفرد سب المسلم بأنه يدل على زندقته وأن سابه منافق ظهر نفاقه بخلاف الذمي فإن سبه مستند إلى اعتقاد وذلك الاعتقاد زال بالإسلام.
نعم قد يوجه ما ذكره السامري بأن يقال: السب قد يكون غلطا من المسلم لا اعتقادا فإذا تاب منه قبلت توبته إذ هو عثرة لسان وسوء أدب أو قلة علم والذمي سبه أذى محض لا ريب فيه فإذا وجب الحد عليه لم يسقط بإسلامه كسائر الحدود وقد ينزع هذا إلى قول من يقول: إن السب لا يكون كفرا في الباطن إلا أن يكون استحلالا وهو قول مرغوب عنه كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
واعلم أن أصحابنا ذكروا أنه لا تقبل توبته لأن الإمام أحمد قال: لا يستتاب ومن أصله أن كل من قبلت توبته فإنه يستتاب كالمرتد ولهذا لما اختلفت الرواية عنه في الزنديق والساحر والكاهن والعراف ومن ارتد وكان مسلم الأصل هل يستتابون أم لا؟ على روايتين فإن قلنا: "لا يستتابون" قتلوا بكل حال وإن تابوا.