ثم اختلف أصحابنا بعد ذلك فقال القاضي وأكثر أصحابه مثل أبيه أبي الحسين والشريف أبي جعفر وأبي المواهب العكبري وابن عقيل وغيره وطوائف بعدهم: إن من نقض العهد بهذه الأشياء وغيرها فحكمه كحكم الأسير يخير الإمام فيه كما يخير بالأسير بين القتل والمن والاسترقاق والفداء وعليه أن يختار من الأربعة ما هو أصلح للمسلمين قال القاضي في المجرد: "إذا قلنا قد انتقض عهده فإنا نستوفي منه الحقوق والقتل والحد والتعزير لأن عقد الذمة على أن تجري أحكامنا عليه وهذه أحكامنا فإذا استوفينا منه فالإمام مخير فيه بين القتل والاسترقاق ولا يرد إلى مأمنه لأنه بفعل هذه الأشياء قد نقض العهد وإذا نقض عاد بمعناه الأول فكأنه رجل نصراني بدار الإسلام".
ثم إن القاضي في الخلاف قال: "حكم ناقض العهد حكم الأسير الحربي يتخير الإمام فيه بين أربعة أشياء: القتل والاسترقاق والمن والفداء" لأن الإمام أحمد قد نص في الأسير على الخيار بين أربعة أشياء وحكم الأسير لأنه كافر حصل في أيدينا بغير أمان قال: ويحمل كلام الإمام أحمد إذا رآه الإمام صلاحا واستثنى في الخلاف وهو الذي صنفه آخرا ساب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة قال: فإنه لا تقبل توبته ويتحتم قتله ولا يخير الإمام في قتله وتركه لأن قذف النبي صلى الله عليه وسلم حق لميت فلا يسقط بالتوبة كقذف الآدمي.
وقد يستدل لهؤلاء من المذهب بعموم كلام الإمام أحمد وتعليله حيث قال في قوم من أهل العهد نقضوا العهد وخرجوا بالذرية إلى دار الحرب فبعث في طلبهم فلحقوهم فحاربوهم قال: إذا نقضوا العهد فمن كان منهم بالغا فيجري عليه ما يجري على أهل الحرب من الأحكام إذا أسروا فأمرهم إلى الإمام يحكم فيهم بما يرى وعلى هذا نقول: