من عاهده في شيء مما عاهده بل من دين جميع أهل الأرض الوفاء بالعهد وإن لم يكن هذا معتقدهم فنحن إنما عاهدناهم على أن يدينوا بوجوب الوفاء بالعهد فإن لم يكن دينهم وجوب الوفاء به فلم نعاهدهم على دين يستحل صاحبه نقض العهد ولو عاهدناهم على هذا الدين لكنا قد عاهدناهم على أن يدينوا بنقض العهد فينقضوه ونحن موفون بالعهد وبطلان هذا واضح.
وإذا لم يكن فعل ما عوهدوا على تركه من دينهم فنحن قد عاهدناهم على أن يكفوا عن أذانا بألسنتهم وأيديهم وأن لا يظهروا شيئا من أذى الله ورسوله وأن يخفوا دينهم الذي هو باطل في حكم الله ورسوله وإذا عاهدوا على ترك هذا وإخفاء هذا كان فعله حراما عليهم في دينهم لأن ذلك غدر وخيانة وترك للوفاء بالعهد ومن دينهم أن ذلك حرام ولو أن مسلما عاهده قوم من الكفار طائعا غير مكره على أن يمسك عن ذكر صليبهم لوجب عليه في دينه أن يمسك ما دام العهد قائما.
فقول القائل: "من دينهم استحلال سب نبيا" باطل إذ ذلك مع العهد المقتضي لتركه حرام في دينهم كما يحرم عليهم في دينهم استحلال دمائنا وأموالنا لأجل العهد وهم يعتقدون عند أنفسهم أنهم إذا آذوا الله ورسوله بألستنهم أو ضروا المسلمين بعد العهد فقد فعلوا ما هو حرام في دينهم كما أن المسلم يعلم أنه إذا آذاهم بعد العهد فقد فعل ما هو حرام في دينه ويعلمون أن ذلك مخالفة للعهد وإن ظنوا أن لا عهد بيننا وبينهم وإنما هم مغلوبون تحت يد الإسلام فذلك أبعد لهم عن العصمة وأولى بالانتقام فإنه لا عاصم لهم منا إلا العهد فإن لم يعتقدوا الوفاء بالعهد فلا عاصم أصلا وهذا كله بين لمن تأمله يتبين به بعض فقه المسألة.
ومن الفقهاء من أجاب عن هذا بأنا أقررناهم على ما يعتقدونه ونحن إنما نقول بنقض العهد إذا سبوه بما لا يعتقدونه من القذف ونحوه وهذا التفصيل