قال السبكي في (تكملة شرح المهذب): "وأما ابن عمر فقد تقدم رجوعه في الرواية التي دلت على قوله وأن ذلك في صحيح مسلم واشتهر عنه بعد ذلك من طرق كثيرة قوله بالتحريم ومبالغته في ذلك في روايات صحيحة صريحة، ولم يكن قوله الأول قد اشتهر عنه ولعله لم يستقر رأيه عليه زمانًا، بل رجع عنه قريبًا والله أعلم". انتهى.

وتقدم أيضا في الحديث الحادي والعشرين والحديث الثاني والعشرين عن أبي المنهال - وأسمه عبد الرحمن بن مطعم البناني - قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينا» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «ما كان يدا بيد فلا بأس به وما كان نسيئة فهو ربا».

الصرف هو بيع الفضة بالذهب ذكره النووي في (شرح مسلم) عن العلماء وتقدم ذكره في الفائدة السابعة عشرة من فوائد الأحاديث الدالة على تحريم الربا (?)، وفي هذا الحديث الصحيح أبلغ رد على من زعم أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب -رضي الله عنهم- كانا من الذين لا يحرمون ربا الفضل ولا يحرمون إلا ربا النسيئة.

وأما أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- فقال السبكي في (تكملة شرح المهذب): "لا أعلم عنه في ذلك شيئا إلا روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنما الربا في النسيئة» ولا يكفي ذلك في نسبة هذا القول إليه فإنه لا يلزم من الرواية القول بمقتضى ظاهرها لجواز أن يكون معناها عنده على خلاف ذلك أو يكون عنده معارض راجح". انتهى.

وأما عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- فقال السبكي في (تكملة شرح المهذب): "لم أقف على إسناده إليه بذلك". انتهى.

وأما معاوية -رضي الله عنه- فقد تقدم (?) ما يدل على رجوعه عن رأيه في جواز التفاضل في بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بالتبر منه أو العين، قال السبكي في (تكملة شرح المهذب): "وأما معاوية فقد تقدم أنه غير قائل بقول ابن عباس مع شذوذ ما قال به أيضا، والظن به لما كتب إليه عمر -رضي الله عنه- أنه يرجع عن ذلك". انتهى. وبما ذكرته في هذا الوجه تنقطع التعلقات التي تعلق بها الفتان على بعض الصحابة.

الوجه الثالث: أن يقال: قد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينهى عن ربا الفضل، وقد ذكرت في أول الكتاب ثلاثين حديثًا أو قريبا من الثلاثين مما جاء في .....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015