النهي عن ربا الفضل وربا النسيئة في الأصناف الستة المذكورة في بعض الأحاديث المروية عن أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وبلال -رضي لله عنهم-، وقد قال في بعض هذه الأحاديث: «من زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وقال في بعض الروايات: «فمن زاد أو استزاد فهو ربا» وقال في بعض الروايات: «أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» وفي رواية أنه قال: «أوه عين الربا لا تقربه» وفي رواية أنه قال: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال: «ويلك أربيت» وقال في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز» وقال في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء» وفي رواية: «الذهب بالذهب هاء وهاء، والفضة بالفضة هاء وهاء، والتمر بالتمر هاء وهاء، والبر بالبر هاء وهاء، والشعير بالشعير هاء وهاء، لا فضل بينهما» وفي بعض الروايات عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» ففي هذه النصوص وغيرها مما تقدم ذكره في أول الكتاب (?) أوضح دليل على أن ربا الفضل وربا النسيئة معلوم باليقين الذي لا يتطرق إليه الشك عند من له أدنى علم وفهم فضلا عن الإمام أحمد الذي قد آتاه الله حظًا وافرا من علم الكتاب والسنة والفقه في الأحاديث، وعلى هذا فيبعد كل البعد أن يقول في ربا الفضل وربا النسيئة الذي ليس على طريقة أهل الجاهلية أنه مما يشك فيه، ولو ثبت هذا عن الإمام أحمد لكان يتعين رده بما جاء في القرآن والسنة من التشديد في الربا على وجه العموم الذي يشمل جميع أنواعه من التفاضل والنسيئة والقرض الذي يجر نفعا. ولا قول لأحد مع قول الله -تعالى- وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وفي النصوص أيضا مع ما تقدم من الأحاديث أبلغ رد على مفهوم الرواية التي ذكرها ابن القيم عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-.
وأما حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الربا في النسيئة» فقد ذكرت كلام العلماء فيه وقولهم أنه محمول على الأجناس المختلفة فإنه لا ...