وفي الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: "من أسلف سلفا فلا يشترط أفضل منه وإن كانت قبضة من علف فهو ربا".
وفي الموطأ أيضا عن مالك أنه بلغه أن رجلا أتى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلا سلفا واشترطت عليه أفضل مما أسلفته فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "فذلك الربا" وقد رواه عبد الرزاق والبيهقي من طريق مالك.
وروى البيهقي أيضا عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا".
وروى ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه قال: "كل قرض جر منفعة فهو ربا" إبراهيم هو النخعي وهو من فقهاء التابعين.
وفيما ذكرته من الأحاديث والآثار أبلغ رد على من يستحل الربا في القرض ويسميه فائدة.
فصل
وقد ذكر الفتان قول الله -تعالى-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ثم قال ما نصه: "وذلك لأن هؤلاء قد استعجلوا الأرباح فأتوها من غير طريق التجارة وهو طريق استغلال ظروف المحتاجين للصدقة الذين قلَّ ما يستطيعون وفاء ديونهم وما تراكم عليها من ربا للمرابين، ولذلك فإن هذه المغامرة في استغلال حاجة غير القادر ومضاعفة الربا عليه كلما حل الأجل وعجز عن الوفاء تجعل من هؤلاء المستغلين عند عجز المدين عن الوفاء كالذي يتخبطه الشيطان من المس؛ لأنه قد فقد رأس ماله إلى جانب فقده لأرباحه الاستغلالية بعد أن انتظر هذه الأضعاف المضاعفة بفارغ الصبر. وقد جرى كثير من المفسرين على أن القيام في هذه الآية هو القيام للبعث ولكن لم لا يكون المراد القيام في الدنيا والقيام للبعث والحساب".
والجواب: أن يقال: إن تفسير الفتان لقول الله -تعالى-: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} تفسير غريب جدًا. وقد جمع فيه بين القول في القرآن بغير علم وبين المخالفة لإجماع المفسرين على أن المعنى في الآية لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون.