وأما ضرره المتعلق بالأبدان فهو ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه". وقد صرح غير واحد من العلماء بتكفير من استحل الربا.
وأما ضرر الربا على أهله في البرزخ فهو على ثلاثة أنواع؛ النوع الأول: أن المرابين يعذبون بالسباحة في النهر الأحمر الذي هو مثل الدم أو هو من الدم ويلقمون الحجارة. النوع الثاني: ما روي أن بطونهم تكون كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم. النوع الثالث: ما روي أنهم يصفدون على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيًا فيتوطؤهم آل فرعون.
وأما ضرر الربا على أهله في الدار الآخرة فهو أنهم إذا بعثوا من قبورهم عذبوا بالجنون أو بما يشبه الجنون عقوبة لهم وتمقيتا عند جمع المحشر، ثم يكون مآلهم إلى النار.
وكل ما ذكرته ههنا من ضرر الربا على أهله فقد تقدم بيانه في الآيات والأحاديث الدالة على تحريم الربا وفي فوائدها فليراجع، وليتأمله المؤمن الناصح لنفسه حق التأمل، ولا يكن إمَّعة يتلاعب الفتان وأمثاله بعقله ويوردونه موارد العطب والهلاك.
فصل
وأما قول الفتان: لكن هناك من يحاول تعطيل هذا الجهاز عن القيام بوظيفته خوفا من أن أعماله مشوبة بالربا الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن كلام الفتان في هذه الجملة مبنى على المغالطة والتلبيس على الذي لا يعلمون أن الربا هو الزيادة التي يدفعها أهل البنوك لأهل الأموال مقابل انتفاعهم بأموالهم ويسمونها بالفائدة، وهي في الحقيقة عين الربا الذي حرمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأجمع المسلمون على تحريمه.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الفتان قد حاول في هذه الجملة أن يدافع عن أهل البنوك وينزه أعمالهم عن الربا، ولهذا عبر بالخوف من أن تكون أعمال البنوك مشوبة بالربا. وهذا خطأ ظاهر ومراوغة عن بيان الحقيقة التي يعرفها كل عاقل، وهي أن المعاملات الربوية هي السائدة في البنوك وهي الركن الأعظم فيها، وعلى هذا فإن كلام الفتان في هذه الجملة مردود عليه ومضروب به عرض الحائط.