البيع الحلال ووقع في الضيق والحرج من تحريم الربا فلا وسَّع الله عليه في معاشه.
وأما قوله: إن حظرها يهدد كيان الدولة والأمة الإسلامية ويقضي نهائيا على مصالحهم الاقتصادية ويجعلهم تحت رحمة أعدائهم وأعداء دينهم ... إلى آخر هذيانه وثرثرته.
فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: ما زعمه الفتان في هذه الجملة فكله من الباطل الذي يرده الواقع من حال المسلمين من أول هذه الأمة إلى زماننا ويشهد على أنه من الكذب على المسلمين؛ وذلك لأن تحريم الربا لا يهدد كيان الولاة والرؤساء من المسلمين ولا كيان الرعايا منهم لا في أول هذه الأمة ولا في آخرها ولا فيما بين ذلك، ولم يقض على شيء من مصالحهم الاقتصادية فضلا على أن يقضي عليها نهائيًا ويجعلهم تحت رحمة أعدائهم وأعداء دينهم كما زعم ذلك الفتان في هوسه وهذيانه.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الذي يهدد كيان الأمة الإسلامية ويضر بمصالحها الاقتصادية هو التعامل بالربا وظهوره بينهم، والدليل على أنه يهدد كيان الأمة الإسلامية قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ظهر في قوم الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه أبو يعلي بإسناد جيد من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وروى الحاكم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه، والدليل على أنه يضر بالمصالح الاقتصادية قول الله -تعالى-: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} قال ابن عطية في الكلام على هذه الآية: "قد جعل الله هذين الفعلين بعكس ما يظنه الحريص الجشع من بني آدم، يظن الربا يغنيه وهو في الحقيقة ممحق ويظن الصدقة تفقره وهي نماء في الدنيا والآخرة". انتهى، والدليل على ذلك من السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة» رواه الإمام أحمد وابن ماجة وهذا لفظه، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
فصل
وقال الفتان: "إننا نتوجه بالدعوة المُلحّة إلى أهل الخبرة والرأي والإفتاء للتعاون من أجل الوصول إلى إجماع في الرأي يضمن حاجات الناس فيما لا تتم مصالح معاشهم إلا به، أي تكييف المعاملات المصرفية في حالتي الإيداع والإقراض على أساس يضمن للأمة الإسلامية الاستفادة من قوتها الاقتصادية في حدود قواعد الشريعة الإسلامية".