فكل هذا لا تأثير له في تحريم الربا، ولو كان لشيء من هذه الأمور تأثير في حل الربا لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته.
وقد تقدم الجواب عن قول رشيد رضا إن المعاملة التي يقصد بها الإتجار لا القرض للحاجة هي من قسم البيع فليراجع (?)، ففيه أيضا رد على قول الفتان إنه عقد رضائي تجاري وإنها - أي المعاملات الربوية في المصارف - تجارة من نوع جديد.
وأما قوله: إن المعاملات المصرفية قد دعت إليها حاجة الناس أجمعين حتى أصبح مصالحهم في معاشهم لا تتم إلا بها.
فجوابه: أن يقال: لا يخفي ما في هذا الكلام الباطل من المجازفة التي يكذبها الواقع من حال المسلمين قبل وجود المصارف وبعد وجودها، فأما قبل وجودها فإن المسلمين قد عاشوا أكثر من ثلاثة عشر قرنًا وهم لا يعرفون المصارف، ومع هذا فإن مصالحهم في معاشهم كانت متيسرة لكل منهم على حسب ما قسم الله لهم من الرزق، وأما بعد وجود المصارف فإن أكثر المسلمين لا يتعاملون مع أهل المصارف بالمعاملات الربوية، ومع هذا فإن مصالحهم في معاشهم كانت متيسرة لكل منهم على حسب ما قسم الله لهم من الرزق، وكثير منهم أحسن حالاً في مصالح معاشهم من المتعاملين مع أهل المصارف بالمعاملات الربوية، ولو كان الأمر على ما زعمه الفتان في هذيانه الذي كتبه من غير تعقل ولا تدبر لكانت مصالح أكثر الناس في زماننا متعطلة، وهذا لا يقوله إنسان له أدنى شيء من العقل.
وأما قوله: إن رشيد رضا يشير إلى قوله -تعالى-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
فجوابه: أن يقال: هذا من الاستدلال بالآية على خلاف ما تدل عليه إذ ليس في الآية ما يؤيد قول رشيد رضا في تحليل الربا في المصارف وزعمه أنه من قسم البيع، بل الآية حجة عليه وعلى من قلده من ذوي الجهالة والضلالة؛ لأن الله -تعالى- نص في الآية على تحريم الربا، وقد تقدم (?) بيان معنى الربا في كلام المفسرين وأهل اللغة، وهو ينطبق على الزيادة التي يضمنها أهل المصارف إلى رؤوس الأموال التي يدفعها أهلها إلى أهل المصارف ويجعلون لهم الحق في التصرف فيها والانتفاع بها بنسبة معلومة في .......................